فصل: (الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي دَعْوَةِ الْعَبْدِ التَّاجِرِ وَالْمَكَاتِبِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي دَعْوَةِ الْعَبْدِ التَّاجِرِ وَالْمَكَاتِبِ):

إذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَمَةً فَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَى وَلَدَهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَمْلِكُ الْعَبْدُ بَيْعَ الْوَلَدِ وَالْأُمِّ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ زَوَّجَ الْمَوْلَى هَذِهِ الْأَمَةَ مِنْ عَبْدِهِ صَحَّ النِّكَاحُ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ أَمَةً أُخْرَى وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ إذَا وَلَدَتْ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
الْمَأْذُونُ إذَا كَانَ مَدْيُونًا فَاشْتَرَى أَمَةً وَوَطِئَهَا وَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا وَادَّعَى نَسَبَ الْوَلَدِ وَكَذَّبَهُ مَوْلَاهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْمَوْلَى أَحَلَّهَا لَهُ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا ادَّعَى وَلَدًا مِنْ أَمَةٍ لِمَوْلَاهُ لَمْ تَكُنْ مِنْ تِجَارَتِهِ فَادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهُ أَحَلَّهَا لَهُ، أَوْ زَوَّجَهَا إيَّاهُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أُعْتِقَ فَمِلْكُهُ يُثْبِتُ النَّسَبَ مِنْهُ: فِي دَعْوَى النِّكَاحِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَفِي دَعْوَى الْإِحْلَالِ اسْتِحْسَانًا.
فَإِنْ صَدَّقَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ فِي ذَلِكَ يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا أَنَّ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ يَحْتَاجُ إلَى التَّصْدِيقِ فِي النِّكَاحِ خَاصَّةً وَفِي دَعْوَى الْإِحْلَالِ يَحْتَاجُ إلَى التَّصْدِيقِ فِي شَيْئَيْنِ فِي أَنَّهُ أَحَلَّهَا، وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ لِغَيْرِ مَوْلَاهُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ جَائِزٍ وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
عَبْدٌ ادَّعَى لَقِيطًا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ زَوْجَتِهِ هَذِهِ الْأَمَةِ وَصَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ، وَقَالَ الْمَوْلَى هُوَ عَبْدِي فَهُوَ عَبْدُهُ وَابْنُهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: هُوَ ابْنُهُمَا وَهُوَ حُرٌّ.
وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَظْهَرُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي الْمُنْتَقَى فِي عَبْدٍ ادَّعَى لَقِيطًا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ وَهِيَ أَمَةٌ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْعَبْدِ وَيَكُونُ حُرًّا وَلَا يَكُونُ ابْنَ امْرَأَتِهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.
وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَةُ الْمُكَاتَبِ وَلَدًا فَادَّعَى الْمُكَاتَبُ نَسَبَهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيَسْتَوِي إنْ صَدَّقَ الْمَوْلَى الْمُكَاتَبُ فِي دَعْوَتِهِ، أَوْ كَذَّبَهُ فِيهَا وَيَصِيرُ هَذَا الْوَلَدُ مُكَاتَبًا وَلَا يَبِيعُ الِابْنَ وَلَا الْأُمَّ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي فَصْلِ دَعْوَى النَّسَبِ.
لَوْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ وَلَدًا مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ بِنِكَاحٍ جَائِزٍ، أَوْ فَاسِدٍ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ ابْنَهُ، هَكَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ وَلَدَ أَمَةِ رَجُلٍ بِنِكَاحٍ، أَوْ بِمِلْكٍ وَكَذَّبَهُ الرَّجُلُ لَمْ يُصَدَّقْ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ إذَا ادَّعَاهُ، فَإِنْ عَتَقَ فَمَلَكَهُ يَوْمًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْمُكَاتَبُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُكَاتَبِ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا بَاعَ الْمُكَاتَبُ أَمَةً فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى الْوَلَدَ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَيُرَدُّ إلَيْهِ مَعَ أُمِّهِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ ادَّعَاهُ الْعَبْدُ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَةَ ابْنِهِ وَهُوَ حُرٌّ، أَوْ مُكَاتَبٌ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَثْبُتْ إذَا كَذَّبَهُ الِابْنُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَمَلَكَ هَذَا الِابْنَ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ مَعَ الْجَارِيَةِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ فِي حَالِ مُكَاتَبَتِهِ، أَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ قَدْ اشْتَرَاهُ فَوَلَدَتْ أَمَةُ هَذَا الِابْنِ وَلَدًا وَادَّعَاهُ الْمُكَاتَبُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَصَارَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا يَضْمَنُ مَهْرَهَا وَلَا قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْوَلَدِ الْمُشْتَرَى بِمَنْزِلَةِ كَسْبِهِ حَتَّى يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ادَّعَى وَلَدَ مُكَاتَبَتِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ صَدَّقَتْهُ أَمْ لَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ إنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ كَاتَبَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا عَقَرَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي وَتُخَيَّرُ الْمُكَاتَبَةُ، فَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ فِي الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ فَسَخَتْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَصَدَّقَهُ الزَّوْجُ يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ ادَّعَى وَلَدَ أَمَةِ مُكَاتَبَتِهِ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُكَاتَبَةِ وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِذَا صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ وَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَيَغْرَمُ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْوَلَدِ لِلْمُكَاتَبَةِ وَيَغْرَمُ عُقْرَهَا لِلْمُكَاتَبَةِ أَيْضًا وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ وِلَادَةِ الْوَلَدِ.
هَذَا إذَا جَاءَتْ الْأَمَةُ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَتْهَا الْمُكَاتَبَةُ، فَأَمَّا إذَا جَاءَتْ الْأَمَةُ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَتْهَا فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِدُونِ تَصْدِيقِ الْمُكَاتَبَةِ، وَإِذَا صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ حَتَّى ثَبَتَ النَّسَبُ كَانَ عَبْدًا عَلَى حَالِهِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: لَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ عَبْدًا صَغِيرًا فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَمْ تَجُزْ دَعْوَتُهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَلَمْ يَعْتِقْ، كَذَا فِي الْحَاوِي.
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَكَاتَبَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُكَاتَبَ كَاتَبَ أَمَةً لَهُ ثُمَّ وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ فَادَّعَاهُ مَوْلَى الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَيَجِبُ الْعُقْرُ لَهَا إنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ كِتَابَتِهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْعُقْرُ لِلْمُكَاتَبِ ثُمَّ هَذَا الْوَلَدُ يَكُونُ مُكَاتَبًا مَعَ أُمِّهِ، فَإِنْ أَدَّتْ الْأُمُّ بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَتْ وَعَتَقَ الْوَلَدُ مَعَهَا تَبَعًا لَهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ أَخَذَ الْمَوْلَى ابْنَهَا بِالْقِيمَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ لَهُ بِوُجُودِ التَّصْدِيقِ يَوْمَ الدَّعْوَةِ مِمَّنْ إلَيْهِ التَّصْدِيقُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ عَجْزِ الْمُكَاتَبَةِ، وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ وَصَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَكُونُ الْوَلَدُ مُكَاتَبًا مَعَ أُمِّهِ وَإِنْ أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَا، وَإِنْ عَجَزَتْ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى وَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كُوتِبَتْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كُوتِبَتْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْعَجْزِ، وَإِنْ كَذَّبَاهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَيَكُونُ الْوَلَدُ مَعَ الْأُمِّ مُكَاتَبَيْنِ لِلْمُكَاتَبِ.
وَإِنْ أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَا، وَإِنْ عَجَزَتْ صَارَا مَمْلُوكَيْنِ لِلْمُكَاتَبِ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَإِنْ صَدَّقَاهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى، فَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كَاتَبَهُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى كَانَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الْمُكَاتَبِ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ لِلْمُكَاتَبِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كَاتَبَهَا الْمُكَاتَبُ فَالْوَلَدُ مُكَاتَبٌ مَعَهَا مَا دَامَتْ مُكَاتَبَةً.
لَمْ تَعْجِزْ بَعْدُ، فَإِنْ عَجَزَتْ يَأْخُذُ الْمَوْلَى الْوَلَدَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْعَجْزِ ثُمَّ فِيمَا إذَا صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ وَكَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ حَتَّى لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَلَمْ تَعْجِزْ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَعَتَقَ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كُوتِبَتْ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمَوْلَى وَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ.
هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ كَبِرَ ثُمَّ ادَّعَى الْمَوْلَى أَنَّهُ ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى الْمُكَاتَبُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَرُجِعَ فِي حَقِّ النَّسَبِ إلَى قَوْلِ الْوَلَدِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ كُوتِبَتْ لَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ بَلْ يَكُونُ مُكَاتَبًا مَعَ أُمِّهِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمَوْلَى أَيْضًا، فَإِنْ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ الْمَوْلَى، وَإِنْ لَمْ تَعْجِزْ وَلَكِنْ أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَتْ وَعَتَقَ الْوَلَدُ مَعَهَا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْمَوْلَى إلَّا أَنَّهُ إذَا كَبِرَ الِابْنُ وَصَدَّقَ الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمَوْلَى بِتَصْدِيقِهِ وَلَا تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ وَعَتَقَ ثُمَّ جَاءَتْ الْمُكَاتَبَةُ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْكِتَابَةِ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ عَتَقَ إنْ زَعَمَ الْمَوْلَى أَنَّهُ وُلِدَ بِوَطْءٍ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَإِنْ وُجِدَ التَّصْدِيقُ فَكَانَ زَانِيًا أَمَّا إذَا ادَّعَى النِّكَاحَ بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ ثَبَتَ شُبْهَةُ النِّكَاحِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ الْحُرُّ فِي النِّكَاحِ وَكَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا إذَا عَجَزَتْ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ فَيَنْفُذُ إقْرَارُ الْمَوْلَى وَهُوَ الْمُكَاتَبُ الْحُرُّ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ وُلِدَ بِوَطْءٍ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ لَمْ يُصَدَّقْ، فَإِنْ صَدَّقَاهُ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ، فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ مَعَ وَلَدِهَا، وَإِنْ عَجَزَتْ أَخَذَ الْمَوْلَى الْوَلَدَ حُرًّا بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ وَكَذَّبَهُ الْمُكَاتَبُ الْحُرُّ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ، فَإِنْ عَجَزَتْ فَهِيَ وَوَلَدُهَا مَمْلُوكَانِ لِلْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ الْحُرّ أَنَّ وَطْءَ الْمَوْلَى كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَكَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَّا إذَا عَجَزَتْ فَيَعْتِقُ الْوَلَدُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْعَجْزِ، وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ الْكِتَابَةَ لَكِنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فَأُدِّيَتْ كِتَابَتُهُ ثُمَّ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ وَالْأُمُّ مَمْلُوكَةٌ لِوَرَثَةِ الْمُكَاتَبِ، كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.

.(الْفَصْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَأُمَّ وَلَدٍ وَأَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّهَا وَلَدَتْ هَذَا الْغُلَامَ مِنْ الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لِلْمُقِرِّ مُنَازِعٌ يَثْبُتُ نَسَبُ الْغُلَامِ مِنْ الْمَيِّتِ وَيَرِثُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِي الْمُقِرِّ وَلَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُقِرِّ مُنَازِعٌ يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ مَاتَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْتِهِ سَنَتَانِ فَنَفَاهُ الْوَرَثَةُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَمْ يَرِثْ مِنْهُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ شَاهِدَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا حُبْلَى مِنْهُ وَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْوَرَثَةُ فَإِقْرَارُهُمْ كَإِقْرَارِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ أَمَةٌ فَوَطِئَهَا وَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا فَادَّعَى وَلَدَهَا ثُمَّ قَالَ كَانَتْ هِيَ أُمَّ وَلَدِ فُلَانٍ فَزَوَّجَنِيهَا فَوَلَدَتْ لِي هَذَا الْوَلَدَ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُمَا الْأَمَةُ فِي ذَلِكَ، أَوْ كَذَّبَتْهُمَا وَلَكِنْ رَجَعَتْ إلَى تَصْدِيقِهِمَا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُقِرِّ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَكُونُ حُكْمُ وَلَدِهَا كَحُكْمِهَا فَيَعْتِقَانِ إذَا مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ، فَإِنْ كَبِرَ الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَّبَهَا فِيمَا أَقَرَّتْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى تَكْذِيبِهِ، وَلَوْ لَمْ تُصَدِّقْ الْجَارِيَةُ الْمُقِرَّ، وَلَمْ تُكَذِّبْهُ حَتَّى مَاتَتْ صَدَقَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ حَتَّى كَانَ الْوَلَدُ عَبْدًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ كَبِرَ الْوَلَدُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلْمُقَرِّ لَهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِهِ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُمَا الْأَمَةُ وَثَبَتَتْ عَلَى ذَلِكَ فَالْقَاضِي يَجْعَلُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُقِرِّ وَعَلَى الْمُقِرِّ قِيمَتُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُقَرِّ لَهُ.
قِيلَ: هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا عُقْرَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُمَا فَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِشَيْءٍ حَتَّى مَاتَتْ يُوقَفُ أَمْرُ الْوَلَدِ حَتَّى يَكْبَرَ، فَإِنْ كَبِرَ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ فِيمَا أَقَرَّ كَانَ عَبْدًا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَأُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ مَضَى عَلَى التَّكْذِيبِ جَعَلَهُ الْقَاضِي حُرًّا مِنْ جِهَةِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ حَيَّةً وَالْغُلَامُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَصَدَّقَتْ الْأُمُّ الْمُقِرَّ وَكَذَّبَهُ الْغُلَامُ فَالْغُلَامُ حُرٌّ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُقِرِّ، وَكَذَلِكَ إنْ كَذَّبَتْ الْأُمُّ الْمُقِرَّ وَصَدَّقَهُ الْغُلَامُ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ وَادَّعَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ الْمَيِّتِ فَصَدَّقَهَا الْغُلَامُ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِنَسَبِهِ مِنْهَا وَيَقْضِي بِالزَّوْجِيَّةِ وَتَرِثُ مِنْ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
الْمَرْأَتَانِ إذَا ادَّعَتَا نَسَبَ وَلَدٍ وَأَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا، وَإِذَا أَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا امْرَأَةً وَاحِدَةً ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِهَذِهِ الْحُجَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَذُكِرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ يُقْضَى بِالْوَلَدِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ لَا يُقْضَى بِنَسَبِ الْوَلَدِ مِنْهُمَا بِلَا خِلَافٍ قَالَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الِابْنَ وَنَفَتْ الِابْنَةَ يُوزَنُ لَبَنُهُمَا فَيُجْعَلُ الِابْنُ لِلَّتِي لَبَنُهَا أَثْقَلُ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا وَلَدَتْ أَمَةُ الرَّجُلِ فَادَّعَاهُ أَخُوهُ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ نِكَاحٍ بِشُبْهَةٍ وَأَنْكَرَهُ الْمَوْلَى لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْعَمُّ وَالْخَالُ وَسَائِرُ الْقَرَابَاتِ، فَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا وَقَدْ ادَّعَاهُ مِنْ جِهَةِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، أَوْ فَاسِدٍ أَوْ مِنْ جِهَةِ مِلْكٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، وَلَوْ مَلَكَ أُمَّهُ مَعَهُ، أَوْ دُونَهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ مَلَكَ الْوَلَدَ أَبُو الْمُدَّعِي وَهُوَ يَجْحَدُ مَقَالَةَ ابْنِهِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ الِابْنِ وَلَا يَعْتِقْ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا وَلَدَتْ جَارِيَةُ الرَّجُلِ وَلَدًا وَادَّعَى ابْنُهُ نَسَبَ هَذَا الْوَلَدِ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقٍ مِنْ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الِابْنُ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْأَبِ، فَإِنْ أَقَامَ الِابْنُ بَيِّنَةً عَلَى التَّزْوِيجِ بِرِضَا الْأَبِ، أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَإِنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ يَثْبُتُ مِنْهُ وَيَعْتِقُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا صَغِيرًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ صَحَّ وُلِدَ عِنْدَهُ أَوْ لَا، وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا يُنْظَرُ إنْ جَحَدَ يَبْطُلُ إقْرَارُهُ وَإِلَّا فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ أَعْتَقَ جَارِيَةً وَلَهَا وَلَدٌ ثُمَّ ادَّعَى وَلَدَهَا بَعْدَمَا أَعْتَقَهَا قَالَ يَلْزَمُهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
عَبْدٌ صَغِيرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ ادَّعَاهُ الْآخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَيَكُونُ مَوْلًى لَهُمَا إنْ كَانَتْ دَعْوَةُ الْمُدَّعِي دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَتُهُ دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ بِأَنْ كَانَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ فَلِلْمُعْتِقِ نِصْفُ الْوَلَاءِ وَلَا وَلَاءَ لِلْمُدَّعِي، فَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَيَعْتِقُ الْعَبْدُ كُلُّهُ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَالْآخَرُ ادَّعَى نَسَبَ حُرٍّ صَغِيرٍ لَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ فَتَصِحُّ دَعْوَتُهُ اسْتِحْسَانًا، هَذَا إذَا ادَّعَى الْآخَرُ نَسَبَهُ، فَأَمَّا إذَا ادَّعَاهُ الْمُعْتِقُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْآخَرِ، وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ اسْتِحْسَانًا، وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمُدَّعِي، وَإِنْ جَحَدَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْمُعْتِقِ وَتَصِحُّ دَعْوَةُ الْآخَرِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ أَحَدِهِمَا إلَّا بِتَصْدِيقِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ كَانَ وَلَدَانِ تَوْأَمَيْنِ فَأُعْتِقَ أَحَدُهُمَا فَادَّعَى نَسَبَ الْآخَرِ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ رَجُلٌ أَعْتَقَ جَارِيَةً وَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا فَادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ قَالَ: أَيُّهُمَا صَدَّقْتُهُ فَهُوَ ابْنُهُ، فَإِنْ صَدَّقَتْ الزَّوْجَ وَادَّعَى نِكَاحًا فَاسِدًا، أَوْ وَطْئًا بِشُبْهَةٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ لَيْسَ لَهُ دَعْوَاهُ بِدُونِ تَصْدِيقِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
نُعِيَ إلَى امْرَأَةٍ زَوْجُهَا فَاعْتَدَّتْ وَنَكَحَتْ وَوَلَدَتْ فَجَاءَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ حَيًّا فَالْوَلَدُ مِنْ الْأَوَّلِ كَيْفَ مَا كَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي إلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِنْ الثَّانِي، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ ابْتِدَاءِ وَطْءِ الزَّوْجِ الثَّانِي إلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَقَلُّ مِنْ سَنَتَيْنِ فَالْوَلَدُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَهُوَ مِنْ الثَّانِي، كَذَا فِي الْكَافِي.
قَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِهِ فِي دَعْوَى الْمَبْسُوطِ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَصَحُّ وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَرَوَى أَبُو عِصْمَةَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجُرْجَانِيِّ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَ: الْأَوْلَادُ لِلثَّانِي، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ غَابَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَهِيَ بِكْرٌ ابْنَةُ عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا فَتَزَوَّجَتْ وَجَاءَتْ بِأَوْلَادٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْأَوْلَادُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ حَتَّى جَازَ لِلزَّوْجِ الثَّانِي دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى هَؤُلَاءِ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ، وَقَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْجُرْجَانِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إنَّ الْأَوْلَادَ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَرَجَعَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُرَدُّ عَلَى الْأَوَّلِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ سُبِيَتْ الْمَرْأَةُ فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَوَلَدَتْ أَوْلَادًا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ طَلَاقًا وَاعْتَدَّتْ فَتَزَوَّجَتْ وَجَحَدَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً صَغِيرَةً بِتَزْوِيجِ أَبِيهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ فَكَبِرَتْ الْبِنْتُ وَتَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ آخَرَ فَحَضَرَ الْغَائِبُ وَادَّعَاهَا فَأَنْكَرَتْ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَمْ يُقْضَ لَهُ بِهَا وَقُضِيَ بِهَا لِلثَّانِي فَوَلَدَتْ مِنْهُ بِنْتًا وَلِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ ابْنٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى هَلْ يَجُوزُ النِّكَاحُ بَيْنَ هَذَا الِابْنِ وَهَذِهِ الْبِنْتِ؟ قَالَ: إنْ كَانَ فِي حَالِ الصِّغَرِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ أَبِيهِ أَنَّ أُمَّ الْبِنْتِ زَوْجَتُهُ وَالْبِنْتُ وُلِدَتْ عَلَى فِرَاشِهِ فَهِيَ بِنْتُهُ، وَأَمَّا إذَا كَبِرَ الِابْنُ وَهُوَ يَتَزَوَّجُ الْبِنْتَ بِنَفْسِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الِابْنِ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى غَيْرِهِ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةَ رَجُلٍ وَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ مُنْذُ شَهْرٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ كَانَ مُنْذُ سَنَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي النِّكَاحَ مُنْذُ سَنَةٍ وَيُحْكَمُ بِإِثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ شَهْرٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةَ بَعْدَمَا تَصَادَقَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُنْذُ سَنَةٍ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذَا الْغُلَامُ ابْنِي مِنْ إحْدَى هَاتَيْنِ الْجَارِيَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَعْتِقُ الْغُلَامُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَتَسْعَى كُلُّ جَارِيَةٍ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَيَعْتِقُ نِصْفُهَا مِنْ الثُّلُثِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ ابْنُهُ مِنْ أَمَتِهِ هَذِهِ ثُمَّ مَاتَ فَأَقَامَ إخْوَتُهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُمْ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ بِثَلَاثِ سِنِينَ فَوَلَدَتْ هَذَا عَلَى فِرَاشِ الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ وَالْأَمَةُ يُنْكِرَانِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا كَانَ الْغُلَامُ وَالْأَمَةُ يَدَّعِيَانِ ذَلِكَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ يُثْبِتَانِ الْحَقَّ لِأَنْفُسِهِمَا وَهُوَ النِّكَاحُ عَلَى الْمَيِّتِ وَيَعْتِقُ الْغُلَامُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ هَذَا الْإِقْرَارُ مِنْ الْمَوْلَى فِي صِحَّتِهِ يُعْتَبَرُ الْعِتْقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْغُلَامُ ذَلِكَ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ أَيْضًا وَيَكُونُ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْغُلَامَ وَالْأَمَةَ جَمِيعًا ذَلِكَ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ادَّعَتْ الْأُمُّ النِّكَاحَ، أَوْ ادَّعَاهُ الْغُلَامُ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِلْإِثْبَاتِ فَإِنَّ النَّسَبَ مِنْ حَقِّ الْغُلَامِ فَإِذَا أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ مِنْ الْعَبْدِ كَانَ مُثْبِتًا حَقَّ نَفْسِهِ فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَذَلِكَ حَقُّهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا حَالَ مَا أَقَامَتْ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ يُوقَفُ حُكْمُ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ حَتَّى يَحْضُرَ الْعَبْدُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا وَلَدَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ وَلَدًا وَادَّعَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْهُ وَالزَّوْجُ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَشَهِدَ عَلَى الزَّوْجِ ابْنُهُ، أَوْ أَخُوهُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ أَبُو الْمَرْأَةِ أَوْ جَدُّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ جَحَدَتْ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَبُو الزَّوْجِ أَوْ جَدُّهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ، ادَّعَى الزَّوْجُ أَوْ جَحَدَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ وَمَا هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِحْقَاقِ):

إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي اسْتِحْقَاقَ الْمُشْتَرَى عَلَى الْبَائِعِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَ الِاسْتِحْقَاقَ وَيُبَيِّنَ سَبَبَهُ ثُمَّ إذَا بَيَّنَ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ وَصَحَّ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ مِنْهُ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَيْعِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَلَا يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُشْتَرِي لِسَمَاعِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ إذَا ذَكَرَ شِيمَتَهُ وَصِفَاتِهِ وَذَكَرَ مِقْدَارَ الثَّمَنِ كَفَاهُ ثُمَّ قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَبْرَأ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الْبَاعَةِ لَا يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْبَعْضِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ لَمْ يُؤَدِّ الثَّمَنَ أَوْ أَدَّى بَعْضَهُ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَعَلَى أَدَاءِ الْبَاقِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي لِجَوَازِ أَنَّ الْقَاضِيَ عَسَى أَنْ لَا يَقْضِيَ بِبَيِّنَةِ الْمُسْتَحِقِّ الْبَيْعَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْمُشْتَرِي إذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ فَوَعَدَهُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ إنْ صَدَقَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَقَبِلَ السِّجِلَّ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَكِنْ وَعَدَهُ ثُمَّ خَالَفَ لَا يُجْبَرُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
إذَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ وَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى شَيْءٍ قَلِيلٍ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِعَبْدٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ كَانَ مُشْتَرِي الدَّارِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَ الدَّارِ بِنِصْفِ الْعَبْدِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَا يَكُونُ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ الْخِيَارُ وَإِنْ تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ عَلَيْهِ وَتَعَيَّبَ الْبَاقِي بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ دُونَ نِصْفِ الدَّارِ لَا خِيَارَ لِمُشْتَرِي الدَّارِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الدَّارِ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَ الْمَأْخُوذِ وَقَدْرَ الْمَتْرُوكِ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الرُّبْعَ بِالرُّبْعِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ النِّصْفَ بِالنِّصْفِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ نِصْفَ الْعَبْدِ أَوْ سَلَّمَ ذَلِكَ النِّصْفَ إلَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ يَبْطُلُ خِيَارُ مُشْتَرِي الْعَبْدِ وَيَكُونُ الْخِيَارُ لِمُشْتَرِي الدَّارِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ.
اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ هُوَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ هَكَذَا حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ مَحْمُودٍ الْأُوزْجَنْدِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا إنَّ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ لِلْمُسْتَحِقِّ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْبِيَاعَاتِ كُلِّهَا أَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْبِيَاعَاتِ فَيَبْقَى بَيْعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَشِرَاؤُهُ ثَانِيًا عَلَى حَالِهِمَا فَلَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ ثُمَّ بَائِعُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ آخَرَ دَارًا قَبَضَهَا وَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي خُذْ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعْتَهُ إلَى الْبَائِعِ مِنِّي فَأَخَذَ ثُمَّ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ مِنْ الْمُشْتَرِي هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَقَدْ قِيلَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا إنَّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْمِلْكِ لِلْمُسْتَحِقِّ تَنْفَسِخُ الْبِيَاعَاتِ وَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ فَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي خُذْ الثَّمَنَ مِنِّي فَأَخَذَ ثُمَّ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي مَا أَدْرَكَهُ مِنْ دَرْكِهِ فِي الْعَبْدِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ مُسْتَحِقٌّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ يَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْمُشْتَرِي الْآخَرِ وَعَلَى الْبَاعَةِ أَجْمَعَ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي أَوْ وَاحِدٌ مِنْ الْبَاعَةِ بَيِّنَةً عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَكِنْ إنَّمَا يَرْجِعُ كُلُّ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعِهِ إذَا رَجَعَ عَلَيْهِ مُشْتَرِيه حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوْسَطِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْأَوْسَطُ.
وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَضْمَنَ الْكَفِيلَ بِالدَّرَكِ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَهَلْ.
يَحْتَاجُ كُلُّ مُشْتَرٍ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الرُّجُوعِ إذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى بَائِعِهِ؟ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الرُّجُوعُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ يَحْتَاجُ، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ بِأَنْ كَانَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي لَا يَحْتَاجُ، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يُسْتَحَقَّ وَلَكِنْ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْآخَرِ عَلَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مُشْتَرِيهِ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَلَكِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِفُلَانٍ مُنْذُ سَنَةٍ أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ أَعْتَقَهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ.
وَكَانَ تَارِيخُ الْعِتْقِ قَبْلَ تَارِيخِ الْبِيَاعَاتِ كُلِّهَا يَرْجِعُ كُلُّ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ التَّارِيخُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِفُلَانٍ مُنْذُ سَنَةٍ دَبَّرَهُ أَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهَا كَانَتْ لِفُلَانٍ مُنْذُ سَنَةٍ اسْتَوْلَدَهَا أَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ تَارِيخُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ قَبْلَ تَارِيخِ الْبِيَاعَاتِ كُلِّهَا أَوْ لَمْ يُعْرَفْ التَّارِيخُ أَصْلًا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ فَهَذَا وَمَا لَوْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ سَوَاءٌ يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَة عَلَى الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ بِتَارِيخٍ بَعْدَ تَارِيخِ الْبِيَاعَاتِ كُلِّهَا بِأَنْ أَقَامَ الْعَبْدُ أَوْ الْجَارِيَةُ بَيِّنَةً عَلَى الْمُشْتَرِي الْآخَرِ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ أَوْ جَارِيَةُ فُلَانٍ أَعْتَقَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا.
بَعْدَ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي الْآخَرِ أَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ كَانَ هَذَا وَالْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ سَوَاءٌ وَلَوْ كَانَ تَارِيخُ الْعِتْقِ مِنْ الْعَبْدِ بَيْنَ الْبِيَاعَاتِ حَتَّى وَقَعَ بَعْضُهَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَبَعْضُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ فَمَا كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ لَا يَرْجِعُ مِنْهُ كُلُّ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ يَرْجِعُ فِيهِ كُلُّ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ اعْتِبَارُ الْبَعْضِ بِالْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الزِّيَادَاتِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهَا بِبَيِّنَةٍ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي لِلْمُسْتَحِقِّ أَوْ اُسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ وَقَضَى بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لِلْمُسْتَحِقِّ رَجَعَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ يَحْلِفُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فَإِنْ نَكَلَ رَدَّ الثَّمَنَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْجَارِيَةَ مِلْكٌ لِلْمُسْتَحِقِّ يُرِيدُ بِهِ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَارِيَةَ أَحَدٌ وَلَكِنْ ادَّعَتْ إنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ فَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ أَوْ أَبَى الْيَمِينَ وَقَضَى الْقَاضِي بِحُرِّيَّتِهَا لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ حَضَرَ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَ مَا قَالَهُ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا جَارِيَتُهُ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ أَوْ نَكَلَ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ لِيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ يُنْظَرُ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ بِعِتْقٍ مُطْلَقٍ أَوْ بِعِتْقٍ بِتَارِيخٍ قَبْلَ الشِّرَاءِ قُبِلَتْ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَأَمَّا إذَا شَهِدُوا بِعِتْقٍ مُؤَرَّخٍ بِتَارِيخٍ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ أَمَةٌ فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ لِمُحَمَّدٍ يَا مُحَمَّدُ الْأَمَةُ الَّتِي فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ كَانَتْ أَمَتِي بِعْتُهَا مِنْك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَسَلَّمْتُهَا إلَيْك وَلَمْ تَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ غَلَبَ عَلَيْك وَغَصَبَهَا مِنْك وَصَدَّقَهُ مُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَقُولُ الْجَارِيَةُ جَارِيَتِي فَالْقَوْلُ فِي الْجَارِيَةِ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ وَيُقْضَى بِالثَّمَنِ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَى مُحَمَّدٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَلَوْ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى النِّتَاجِ أَوْ مُطْلَقًا لَمْ يَرْجِعْ مُحَمَّدٌ عَلَى إبْرَاهِيمَ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَقَامَ مُحَمَّدٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهَا أَمَتُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ إبْرَاهِيمَ وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَهُوَ قَبَضَهَا قَضَى لَهُ بِهَا وَإِنْ أَعَادَ الْمُسْتَحِقُّ بَيِّنَةَ النِّتَاجِ عَلَى مُحَمَّدٍ قَضَى لَهُ بِهَا عَلَى مُحَمَّدٍ وَرَجَعَ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَارِيَةَ أَحَدٌ وَلَكِنْ أَقَامَتْ الْجَارِيَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَقَضَى الْقَاضِي بِحُرِّيَّتِهَا رَجَعَ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَامَتْ الْجَارِيَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَتَهُ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ رَجَعَ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ.
وَهَذَا إذَا أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ فَأَمَّا إذَا أُرِّخَتْ بِأَنْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَلَكَهَا مُنْذُ سَنَةٍ وَأَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ يُنْظَرُ إلَى تَارِيخِ الْعَقْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ إبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنْ كَانَ مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَإِنْ كَانَ تَارِيخُ الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى.
بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَإِبْرَاهِيمَ مُنْذُ سَنَتَيْنِ لَا يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَلَوْ أَنَّ الْجَارِيَةَ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَاتَبَهَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ لَا يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ إلَّا إذَا أَدَّتْ بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَعَتَقَتْ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ أَقَرَّ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ مُحَمَّدٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَهَا وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَصَدَّقَهُ مُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ إنْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ مِنْ يَدِ عَبْدِ اللَّهِ يَرْجِعُ عَبْدُ اللَّهِ بِالثَّمَنِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَيَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ بَعْدَ مَا اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ مِنْ يَدِ عَبْدِ اللَّهِ يَرْجِعُ عَبْدُ اللَّهِ بِالثَّمَنِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَلَا يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَكَذَا إنْ أَقَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بِالشِّرَاءِ مِنْ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدٌ كَانَ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ حَتَّى اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ مِنْ يَدِ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ صَدَّقَهُ مُحَمَّدٌ فِيمَا قَالَ فَإِنْ قَالَ مُحَمَّدٌ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إبْرَاهِيمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ اشْتَرَاهَا مِنِّي يُرِيدُ بِهِ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ مُحَمَّدٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ صَدَّقَهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي دَعْوَاهُ الشِّرَاءَ مِنْهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ الْجَارِيَةِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَرَجَعَ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَلَوْ تَصَادَقَ مُحَمَّدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا وَهَبَ الْجَارِيَةَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا تَصَدَّقَ بِالْجَارِيَةِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَا يَرْجِعُ مُحَمَّدٌ بِالثَّمَنِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَرْجِعُ عَلَى إبْرَاهِيمَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ حَاضِرَانِ فَقَضَى الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ هَذَا الْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْقَاضِي بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، قُلْ لِلْبَائِعِ لِيُسَلِّمَ الْمَبِيعَ إلَيَّ وَإِلَّا فَانْقُضْ الْبَيْعَ بَيْنَنَا فَالْقَاضِي يُنْقِضُ الْبَيْعَ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ.
فَلَوْ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَجَدَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَى الْأَمَةَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ فَفَسَخَ الْبَيْعَ عَلَى حَالِهِ لِنَفَاذِ الْفَسْخِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْأَمَةَ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَأُخِذَتْ مِنْ يَدِهِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ فَأَقَامَهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَقَضَى بِالْأَمَةِ لِلْبَائِعِ فَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُلْزِمَ الْمَبِيعَ الْمُشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلٍ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَعُودُ الْبَيْعُ وَهَذَا إذَا قَضَى الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَمَّا إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ رَجَعَتْ الْجَارِيَةُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَوْ قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ فَعَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْجَارِيَةِ وَامْتَنَعَ الْبَائِعُ لَا يُجْبَرُ وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُلْزِمَهُ لَهُ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يُخَاصِمْ الْمُشْتَرِي.
الْبَائِعَ وَلَكِنْ طَلَب مِنْهُ الثَّمَنَ فَأَعْطَاهُ أَوْ قَبِلَ الْفَسْخَ ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَقَضَى بِالْجَارِيَةِ لَهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُلْزِمَ صَاحِبَهُ الْجَارِيَةَ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ لَكِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ فَهَذَا وَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ أَوْ شَجَرَةً فَأَثْمَرَتْ وَالثِّمَارُ عَلَيْهَا وَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ وَالْوَلَدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ وَالثَّمَرَةُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْحُكْمُ بِالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ مَقْصُودًا اُخْتُلِفَ فِيهِ قِيلَ الْقَضَاءُ لَهُ بِالْأَصْلِ قَضَاءٌ بِالْفَرْعِ وَقَالَ الصَّدْرُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْفَرْعِ أَيْضًا كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْفَرْعُ فِي يَدِهِ وَكَانَ فِي يَدِ آخَرَ وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ قُتِلَ وَأُخِذَ مِنْهُ عَشَرَةُ آلَافٍ غَرِمَ قِيمَتَهُ لَا غَيْرُ وَإِنْ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا كَثِيرًا فَكُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَغْرَمُ لِلْبَائِعِ شَيْئًا وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ وَلَوْ اكْتَسَبَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ وُهِبَ لَهَا يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ مَعَ الِاكْتِسَابِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ كَرْمًا أَوْ اشْتَرَى الْأَرْضَ وَالنَّخِيلَ جَمِيعًا وَقَبَضَهُمَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْعَرْصَةُ وَحْدَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْأَشْجَارَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
اشْتَرَى فَرَسًا مَعَ السَّرْجِ وَاسْتُحِقَّا رَجَعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بِلَا سَرْجٍ رَجَعَ بِالْحِصَّةِ وَكَذَا لَوْ ضَاعَ السَّرْجُ قَائِمًا وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ السَّرْجِ وَأَنْ يَرْجِعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَأَبَى الْبَائِعُ قَبُولَهُ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا فَنَبَتَ الشَّجَرُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي اقْلَعْ الشَّجَرَ فَإِنْ كَانَ قَلْعُهُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شِئْت تَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيَكُونُ الشَّجَرُ لَك وَإِنْ شِئْت فَمُرْهُ حَتَّى يَقْلَعَ الشَّجَرَ وَيَضْمَنَ لَك نُقْصَانَ أَرْضِك فَإِنْ أَمَرَهُ بِقَلْعِ الشَّجَرِ وَقَلَعَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَفِرَ بِالْبَائِعِ بَعْدَ الْقَلْعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا بِمَا ضَمِنَ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَإِنْ اخْتَارَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيُمْسِكُ الشَّجَرَ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ ثُمَّ ظَفِرَ الْمُشْتَرِي بِالْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَإِنْ لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأَرْضُ حَتَّى أَثْمَرَ الشَّجَرُ بَلَغَ الثَّمَرُ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ حَتَّى جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ وَطَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِقَلْعِ الشَّجَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْأَرْضِ حَاضِرًا كَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ ثَابِتَةً فِي الْأَرْضِ وَيُسَلِّمَ الشَّجَرَ قَائِمَةً إلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ، وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَطْعِ الثَّمَرِ بَلَغَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى قَلْعِ الشَّجَرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَحَالَ الْبَائِعُ رَجُلًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَأَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْمُحْتَالِ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي عَلَى مَنْ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ السَّعْدِيِّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِالْبَائِعِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحْتَالِ لَهُ قَالَ لَا وَفِي الْجَامِعِ قِيلَ لَهُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ الْوَكِيلِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ كَانَ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ يُقَالُ لِلْوَكِيلِ طَالِبْ الْمُوَكِّلَ بِالثَّمَنِ وَخُذْهُ وَادْفَعْهُ إلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ بَيْعٌ جَرَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي جَارِيَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ بِالْقَضَاءِ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ وَقَبَضَ ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ الْقَضَاءِ بِفَتْوَى الْأَئِمَّةِ وَأَخَذَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ لَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّ تِلْكَ الْجَارِيَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
اشْتَرَى مِنْ آخَرَ قَرَاطِيسَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأَعْطَى الْمُشْتَرِي حِمَارًا مُعَيَّنًا فِي ثَمَنِ الْقَرَاطِيسِ بِسَبْعِينَ قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ فَعِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْقَرَاطِيسِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِسَبْعِينَ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَاهَا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي وَصَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ فِي أَنَّهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي إنَّمَا كَانَتْ هِيَ لِلْمُدَّعِي لِأَنَّك وَهَبْتهَا لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَقَدْ عَدَّلَهُمَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَسْأَلُ عَنْ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ عُدِّلَا رَجَعَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يُعَدَّلَا فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِتَعْدِيلِهِ إيَّاهُمَا وَلَا يَرْجِعُ هُوَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمْنِ كَفِيلٌ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي وَنَقَدَ الْكَفِيلُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ غَابَ الْكَفِيلُ وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ وُجِدَ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَجَدَهَا أَمَّ وَلَدٍ فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ قَالَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْكَفِيلُ قَدْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا نَقَدَهُ لِلْبَائِعِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا نَقَدَهُ لِلْبَائِعِ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْكَفِيلُ فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا نَقَدَهُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ.
وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَا حَضَرَ الْكَفِيلُ اتِّبَاعَ الْبَائِعِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْكَفِيلُ اتِّبَاعَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ تَكُنْ كَفَالَةً وَكَانَ أَمْرًا بِقَضَاءِ الثَّمَنِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَسْبَابِ فِي فَصْلِ الْكَفَالَةِ وَلَكِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَانَ الْكَفِيلُ قَدْ نَقَدَ الثَّمَنَ وَغَابَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ سَوَاءٌ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا نَقَدَ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنْ حَضَرَ الْكَفِيلُ فِي فَصْلِ مَوْتِ الْعَبْدِ أَوْ كَانَ الْكَفِيلُ حَاضِرًا لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَلَكِنْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَإِنْ كَانَ الِانْفِسَاخُ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ نَحْوُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ.
بِقَضَاءٍ أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ بِخِيَارِ الشَّرْطِ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ عَنْهُ فَنَقَدَ ثُمَّ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَانَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمُشْتَرِي سَبِيلٌ.
وَإِنْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ فِيمَا بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَقْدٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ نَحْوُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَنَحْوُ الْإِقَالَةِ لَا يَكُونُ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ وَيَكُونُ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي وَيَكُونُ الْمَقْبُوضُ لِلْكَفِيلِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ تَكُنْ كَفَالَةٌ وَلَكِنْ نَقَدَ رَجُلٌ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَاهُ نَظِيرَ الْجَوَابِ فِي الْكَفَالَةِ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَصَالَحَ الْكَفِيلُ الْبَائِعَ عَنْ الثَّمَنِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا كَانَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالدَّرَاهِمِ دُونَ الدَّنَانِيرِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ وَالْكَفِيلُ غَائِبٌ ثُمَّ حَضَرَ كَانَ لَهُ اتِّبَاعُ الْبَائِعِ بِالدَّنَانِيرِ وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَسْتَوِي فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ الْكَفِيلَ الدَّرَاهِمَ الَّتِي كَفَلَ بِهَا عَنْ الْمُشْتَرِي بِالدَّنَانِيرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَأَرَادَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ.
التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالصُّلْحِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ.
فَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ وَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَلَكِنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَقَدْ كَانَ بَاعَ الْكَفِيلُ عَنْ الْبَائِعِ بِالدَّرَاهِمِ خَمْسِينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا مِنْهُ الْبَائِعُ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِأَلْفٍ وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْكَفِيلُ صَالَحَ الْبَائِعَ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا وَفِي الصُّلْحِ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَدَّ خَمْسِينَ دِينَارًا وَإِنْ شَاءَ رَدَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَفِي الْبَيْعِ يَرُدُّ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ ثُمَّ فِي الصُّلْحِ إنْ اخْتَارَ الْبَائِعُ رَدَّ الدَّرَاهِمِ فَالْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي يَسْتَوْفِيه وَإِنْ اخْتَارَ رَدَّ الدَّنَانِيرِ فَالْكَفِيلُ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ ذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ كَفَالَةٍ فَبَاعَ الْمَأْمُورُ مِنْ الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِينَارًا بِالثَّمَنِ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ الْمَأْمُورُ الْبَائِعَ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ كَفَلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ صَالَحَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا بِالثَّمَنِ أَوْ بَاعَ مِنْهُ خَمْسِينَ دِينَارًا بِالثَّمَنِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ اُسْتُحِقَّ فَلَا سَبِيلَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَكِنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي الصُّلْحِ بَيْنَ إعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الدَّنَانِيرِ وَفِي الْبَيْعِ لَا يَتَخَيَّرُ.
وَلَوْ لَمْ تَكُنْ كَفَالَةٌ وَلَا أَمْرٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَكِنْ جَاءَ مُتَبَرِّعٌ وَبَاعَ دَنَانِيرَهُ مِنْ بَائِعِ الْعَبْدِ بِالثَّمَنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ صَالَحَ مَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى دَنَانِيرِهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ عَلَى كُلِّ.
حَالٍ وَأَمَّا الصُّلْحُ فَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْمُتَبَرِّعِ يَكُون بَاطِلًا وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا وَإِنْ أَطْلَقَ الصُّلْحَ إطْلَاقًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِبْرَاءِ وَلَا بِالتَّمْلِيكِ يَجُوزُ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الدَّنَانِيرِ عَلَى الْمُصَالِحِ وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ كَانَ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَدَّ الدَّنَانِيرَ عَلَى الْكَفِيلِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَفَلَ بِجَيِّدٍ وَنَقَدَ نَبَهْرَجَةً رَجَعَ بِالْجَيِّدِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ اُسْتُحِقَّ اتَّبَعَ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ بِالنَّبَهْرَجَة وَإِنْ كَفَلَ نَبَهْرَجَةً وَنَقَدَ جِيَادًا رَجَعَ بِالنَّبَهْرَجَة وَلَوْ اُسْتُحِقَّ اتَّبَعَ الْبَائِعَ بِالْجَيِّدِ أَوْ الْمُشْتَرِيَ بِالنَّبَهْرَجَة وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالْجَيِّدِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَلَكِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ كَانَ الْكَفِيلُ أَدَّى أَنْقَصَ مِمَّا الْتَزَمَ فَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَبَهْرَجَةً وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ أَدَّى أَجْوَدَ مِمَّا الْتَزَمَ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْبَائِعِ سَبِيلٌ وَلَكِنْ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا كَفَلَ عَنْهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمِثْلِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَعْطَى الْكَفِيلُ الْبَائِعَ وَهُوَ الْجِيَادُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ كَفَالَةٍ فَنَقَدَ الْمَأْمُورُ أَفْضَلَ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ إلَّا بِمِثْلِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَإِنْ نَقَدَهُ أَرْدَأَ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ يَرْجِعُ بِمِثْلِ الْمُؤَدَّى فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ يُخَيَّرُ الْمَأْمُورُ بَيْنَ اتِّبَاعِ الْبَائِعِ وَبَيْنَ اتِّبَاعِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ رَجَعَ بِمِثْلِ الْمَقْبُوضِ وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِالْمُؤَدَّى إنْ كَانَ الْمُؤَدَّى أَرْدَأَ مِمَّا أَمَرَهُ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ رَجَعَ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ مِنْ الْمَأْمُورِ وَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْعَبْدُ وَلَكِنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا سَبِيلَ لِلْمَأْمُورِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا أَدَّى إنْ كَانَ الْمُؤَدَّى أَرْدَأَ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ يَرْجِعُ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَنْ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الشِّرَاءِ مُعَلَّقًا بِظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ جَازَ لَكِنْ إذَا أَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْقَضَاءِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ بَعْدَ وُجُوبِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَيَقْضِيَ بِهِ الْقَاضِي وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ وَيَجِبُ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ فَيَكُونُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ الْأَمْرِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ لَكِنْ الْبَائِعُ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْقَضَاءِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى بَائِعِهِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إنْ دَفَعَ الْمُدَّعِي إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا وَأَخَذَ الدَّارَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ الدَّافِعُ بِمَا دَفَعَ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي دَعْوَى الصُّلْحِ.
لَوْ صَالَحَهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ عَلَى دَرَاهِمَ وَقَبَضَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ رَجَعَ بِالدَّنَانِيرِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَإِنْ صَالَحَ مِنْ مِائَةٍ عَلَى نِصْفِهَا فَاسْتُحِقَّ الْبَدَلُ رَجَعَ بِمِثْلِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ فِي دَعْوَى الصُّلْحِ.
لَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ جَازَ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْكُرُّ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَصْلِ حَقِّهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.